لطالما تساءلت عن صلابة ذلك الختم الذي لا يكل الظهور تباعا لكل عمل، ماهي تلك المادة المتوارية عن الأنظار المختومة بلا رحمة بالنفوس؟ الصامدة المحفورة على أحجار الواقع بشدة التكرار و برغبة جامحة للوفاء؟ تكرار دون تفكير في أصل الأشياء؟ اوليست مهزلة؟ ماهي مكونات هذا الطابع ليصمد كل هذه القرون والعقود؟، ليتوارثه الإنسان دون التفكير بمحتواه، رغم أن فحواه متغير حسب الموقف .... لكل قبيلة ختم يعرفها، لكل فئة عادة تدافع عنها بشراسة لامتناهية دون التفكير في مأتاها ومنبتها ما يؤجج الحقد بالنفوس ويعطل محركات العقل ليتحول العاقل إلى ساذج ويترجم ضعف الإيمان إلى عنف يخالف منهج الأخلاق وسماحة السلام.. الجميع يهاب مغادرة الرواق، و يكرس قيم التسليم و الاستلام دون الاستفسار فمن وجد نفسه على دين أو وضع إجتماعي معين لا يفكر ولا يستفسر حقيقة ما وجد نفسه عليه لذلك تجد التعصب من صفاته الأولى نظرا لعدم إعمال عقله وإمتناعه عن الإطلاع والتفكير لذلك تجده لا يمارس تعاليم دينه واحد من تحول من إقتنع بدين غير دينه أو فكرة غير فكرته بعد بحث مطول وسنوات من الأسئلة تجده نحافظ ملتزم بما يفعل نظرا لعمق معرفة الأسباب والتصالح مع الذات ...قد يتساءل الإنسان عن حقيقة وجوديته فماذا إن ولد فوجد عائلته بدين غير دينه هل سيتواثه أيضاً بنفس الطريقة ويدعي أنه الحق لا ريب فيه؟ أوليس التوارث الأعمى مصيبة حقيقية ...
هي فئة ترفض كل ما يخالفها ، تطبق الأبواب و تنزله
الستائر ، تفضل العزلة على التعلم ، كمن يحمي الزهور باكداس الحجارة فلا النبتة تثمر و لا الحجارة تزهر ، فئة ستظل ترتجف استحياء من أصولها و أخرى تفتخر بعبوديتها ، إلى أين المسير ؟ على أشراف هذا الطريق إلى الظلام الداكن لا غير ، إلى التراب سنعود كما خلقنا بنفس المكونات دون إضافة تذكر ، تناقش بغرض افتعال المشاكل لا افتكاك المعلومة ، إلى أن يموت طالب العلم القاطن داخل كل إنسان دون رحمة .. شعار وحيد يمثل أغلبية لا نصر لها إن واصلت بنفس المنهجية وهو ؛ "إياك و الاقتراب أو حتى قراءة أبسط المعلومات عن ما يخالفك دينا ، أيديولوجيا أو توجها " فإما الخوف من ضعف العقيدة سائد أو أن الانطواء
على العقول حاكم
تختصر حروف هذا الختم بكلمة "التوارث" ، حديث مطول يجعل الإنسان يرفض التفكير و يغلق بوابة حصن المعرفة مما ينشر الشك داخل الصدور بأن "البحث" يرتدي رداء جيش الاحتلال الظالم، بل أن محاولة السؤال عن الكيفية و الغطس بأعماق النوعية و محاولة فك رموز أبجديات المرجعية أصبح جريمة باتفاق الأغلبية الساحقة ، لا مجال لطرح الأسئلة و رفض كلي للانفتاح جعل الإنسان لا يطبق أي من أساسياته تطبيقا تاما و جعل من "لا بأس" سلاح تغطية فالمهم و الأهم هي التقاليد ، علينا أن نتفق بأن التساؤلات و الشكوك مع الغوص و التفكير مزيج نهايته مميزة تتلخص في الاقتناع التام قبل الإعتناق و لنا ان نلاحظ الفرق مثلا ؛ على مقاعد الدراسة بين من يحفظ القواعد و من يفهم و يصر على معرفة مصدرها، و قد نشروا داخل الأوساط ثقافة الإملاء ، يمكن أن يؤكد التاريخ و الحاضر بأن الباحث مصيره النجاح و الإبداع بشتى المجالات ، و بأن تطبيق الأمور عن قناعة و مبدأ لا
.يجعل الإنسان يخل باتفه قوانين.
عمر دربال ..