قراءة معمقة لكتابي "جحيم الجنة"

 كم أنا مسرور بهذه القراءة لكتابي الجديد، بهذا النقد المشترك لمعلمي  المنصف علولو   التقينا بعد أكثر 17 سنة   وقد درسني بالمدرسة الأبتدائية الخليج طريق سيدي منصور بمدينة صفاقس والأستاذ والناقد  محمد ذويب


، شكرا على هذه الكلمات وانه لشرف كبير أن يجتمع أستاذ ناقد ومعلم كاتب لتقديم وقراءة "جحيم الجنة" شكرا من القلب ... 

شكرا لكل من علمني كلمة، شكر خاص من القلب لمعلمي العزيز المنصف علولو وقد قام بتقديم هذا الكتاب كل الحب والإحترام  لكل أستاذ ومعلم يعمل بضمير ليبقى بقلوب تلاميذه.

حينما هممت بقراءة قصة "جحيم الجنة" تملكني شعور راود فكري ووجداني من عشرين سنة خلت، أوراق لتلميذ تفرد بكتابة تختلف عن لداته بل قل إن الغموض وعمق الفكر يحملني على قراءتها عديد المرات لأسند لها عددا وغالبا ما يكون الأفضل في الفصل. نعم هو ذات الفتى الذي أعود لأتصفح صفحات كتابه الثاني "جحيم الجنة" الوافد بعد روايته "أدغال الحضارة". مفارقة بين جحيم معيش وجنة منشودة ... مفارقة بين الذات والكيان حاول من خلالها عمر دربال إرباك القارىء بكسر قواعد الزمان والمكان والإنسان باعثا في نفسه حيرة وجودية تدفعه دفعا الى مر السؤال وتباريح الوعي بالذات في الوجود هوية وفعلا ووظيفة ومصيرا: بين الأنا والأنا وبين الأنا والوطن، بين الأنا والحقيقة والأنا والحلم بين الأنا والفعل والأنا والعقل.. ذات لا يستقر لها قرار. 

هذه القصة التي تأبى التصنيف هي ثورة على الضيم المتراكم بقلوب الفئة الفقيرة المنسية لأن "مشاعر القهر والظلم لا تسعها دكاكين العالم" . طفل غرير ظن أن كل الأراضي المترامية على الطريق ملك للجميع فكيف لا يزرع فيها والده وجده أمل الحياة لكنه اصطدم بواقع مرير ، كانت الأفكار تتدافع في عقله حتى أرهقته حتى أنه التجأ إلى الجبل يحاوره، يشكو له همومه ذلك الجبل الشامخ المترامي حيث السكينة والراحة الأبدية..

أراد "أيهم" أن يرسم ابتسامة على شفتي أبيه فأيقن أنه لا مناص من استعمال عقله وطلب العلم في منظوره ولو بمشقة هو الحل الأوحد للرقي وتسلق سلم الإنسانية والوطنية وهي خارطة طريق توسدها الفتى بعدما رأى أمه تؤثر محبة ابنها للعلم على محبتها ومكانتها .

"جحيم الجنة" ثورة على بنزين الأفكار اللامنطقية والغرور المتصاعد، ثورة على التعليم التلقيني الذي لا يتدخل فيه العقل ولا يفعل فعله .. ثورة على الماء المنحدر من الجبل صوب المدن الساحلية ولا ينتفع به أهل البراري فكانت حياة بطلنا أيهم دهليزا معتما في مجمع الأنوار .

*"جحيم الجنة" رغبة دفينة فنا ودلالات في التأسيس لكتابة بديلة تنأى عن الموجود وتحلم بخطاب آخر بديل لذلك تتمرد على الجنس والأجناس مؤسسة بنيتها على الإحتجاج والإرتجاج فلاهي رواية ولاهي حكاية رغم سرديتها ونفسها القصصي المترامي بين تضاريس الكتابة ... ولاهي كذلك خاطرة أو مسرحية رغم الحوار الممتد على طول العمل والأنا تحاور ذاتها ووطنها وأشخاصها ولاهي كذلك دراما رغم البعد التراجيدي والأنا ترى واقعها الفاجع في دنيا الصراع الذي يخوضه هو وغيره من المنسيين في مجتمع جاهل لا يأبه بالتغيير .

لذلك تعتبر هذه الكتابة تجريبا لجنس جديد عله "السيرة الذاتية الفلسفية" والتي غلب فيها كاتبنا عمر دربال استطراداته الفكرية على حساب الإبداعات الأدبية لأن هيمنة المعنى الفلسفي على التركيب جعل الجمل مثقلة بالأفكار ومشحونة بنفس الكتابات الروسية "تولستوي" و"مكسيم غوركي" و"دوستويفسكي".... وهذا يفقدها نفسها العربي في بعض الأحيان ...

وأرى أن المبتسرات التي يحملها "عمر دربال" في فكره وقلمه هي التي أفضت إلى بروز هذا النمط المتفرد و الجديد في الكتابة أعني بذلك "السيرة الذاتية الفلسفية" ختاما "جحيم الجنة" قصة من الروعة بمكان عزف فيها عمر دربال لحنه المادح لثورة العقول النيرة والسواعد البناءة في ظل العدالة وحب الوطن ..

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال