سنة أخرى: أيام ومرت

 أيام ومرت، لن تعود.. أعلم ذلك ولكني فخور بنفسي لأبعد الحدود... ببعض الأحيان أتعمد مراجعة شريط مواجهة الخبيث ومعارك الحياة لأذكر نفسي بل لأراجع نسب الثبات التي لا تعترف الي بالصعود بمدرج المشاعر والمبادىء ... أتوجع لبعض الذكريات ويتملك الإعتزاز فؤادي بالأمس (يوم 30 ديسمبر 2023) مررت بنفس الطريق الذي سلكته أول ايام رمضان بعد أقل من 24 ساعة من وصول نتائج التحاليل.... بالحقيقة توقفت تحت نفس الشجرة  التي جلست عندها بذلك اليوم حين تطفلت الأسئلة لعقلي وأمرتني بعض مشاعري السافلة على التراجع والعودة والركون للراحة والإستسلام ، مشاعر واجهتها بالرفض التام  ومزاولة العمل فإما شفاء مقترن بنجاح العمل أو أني  سأعمل وأحاول الصمود لآخر نفس فبتلك اللحظة لم أكن أعرف بأي مرحلة كنت ... تذكرت دموعا ذرفتها بغزارة لأكتشف أنها لم تنزل منذ سنوات بتلك الطريقة وقد كتبت مذكرات كثيرة بتلك الأيام نشرتها مع بعض مقالاتي بهذه المدونة ... توغلت بالطريق الذي كنت أسلكه بفترة مرضي أثناء مواكبة عملي بتلك الجهة وقد تعمدت ذلك فوجدت نفسي أمام مكان آخر تقيأت فيه بشدة ... تراجع بي العقل ليوم أخذ خزعة نخاع العظم وصعوبة ذلك الإجراء.... وما قمت به بعدها بدقائق حيث عزمت نقل بعض معدات العمل  .... كنت أقف على أوجاعي شامخا منذ الأزل حتى بطفولتي عند إصابتي بجرح أو غيره أكمل لعب الكرة دون أن أفكر.. أظنه أمر ولد معي ...أوجاعي الجسدية لا أعيرها أي اهتمام وكنت حقا أتوقف عند إنتهاء كل الطاقة لا عند التعب وهذا ما كاد أن يقذف بي للهاوية يوم آثرت على نفسي وجعا لأكمل يوم عمل صعب (23 أوت) رغم أن كل من يحدثني يقول هل أنت بخير ؟ لترفض نفسي تلك الكلمات وأجيب بصوت عال وعيون حادة ونفس رافضة "ها أنا امامكم بخير" ...... لأجد نفسي مقيما بالمصحة لأسبوع .... حقيقة عندما أعود لأشاهد بعض صوري أستغرب وأقول من أين لي بتلك الجرأة لأعمل وقد تغيرت ملامح وجهي وتهاوى ذلك جسد وفقد عضلاته؟ كيف تجرأت أن أصرخ بوجه كل من نعتني بالمرض؟ كيف أقدمت على العمل والذهاب القاعة الرياضة بعد اسبوع من خروجي من المصحة؟ لازلت أشاهد مقطع الفيديو وأنا أتمرن دون أن يتعرف علي للوهلة الأولى من كنت أدربهم ....هو رفض الهزيمة والخضوع الملازم لروحي ربما، تهاوى الجسد ولكن العقل صامد والروح ثابتة ...... هبت الرياح من كل صوب وكانت نفسي تأبى سماع تلك  النصيحة القائلة"انحني حتى تهب العاصفة" وقفت بوجهها دون الخوف من الإنكسار  وعند جمع العاصفة مع صاحبتها التي سبقتها بسنة وبعض الرياح شديدة القوة تحولت كل العوامل لإعصار قررت الوقوف بوجهه لآخر رمق لا الإنحناء مهما كانت النتيجة فأنا أرفض فكرة الإنحناء كما أن بعض دقائق الصمود والمقاومة وعيشها بشموخ  أفضل لي من سنوات من الإنحناء فمن أنزل رأسه مرة لن يستطيع رفعه مرة أخرى وان رفعه لن يكون بنفس الشموخ إذا فالموت المحتم الذي لا هروب منه أروع ..... هذه فلسفتي في الحياة عن قناعة تامة ...لا أدري لماذا أكتب هذه الكلمات الآن؟ ولماذا قررت مشاركتكم هذه المشاعر .... رغم يقيني أن لا أحد سيشعر بالآخر رغم قربه فهذه سنة الحياة ولكل شخص معركته ولكني أريد أن أشكر كل من تفهم شخصيتي وقراراتها، أريد أن أشكر أمي ثم أمي ثم أمي وأعتذر منها لحدة بدرت مني أيام المرض فأنا شخص يواجه الوجع بالتمرد لا الخضوع .... أريد أن أشكر أبي العزيز والصديق ذو القلب الحنون و أخوتي ورفيقة دربي وقد جمعنا القدر الآن بعد حروب عديدة على أن تكتمل فرحتنا وأشكر  كل أصدقائي عن ذلك الحب الذي رأيته بعيون الكثيرين وفرحة بأصواتهم لحظة إعلاني عن شفائي رغم أن أخفيت مرضي عنهم وقد كان جلهم يشاركني نفس الطاولة ونفس ساحة العمل من زملاء وحرفاء شكرا من القلب للجميع.....

أدام الله الصحة للجميع، أتمنى الخير والسلامة لكل أصدقائي مع كل مشاعر الحب والإحترام لكل من يكابد متاعب الحياة من أجل حياة كريمة تكسوها العزة والأنفة...

عمر دربال



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال