رحم الله كمال حامدي الناشر والشاعر

 


مرات كثيرة مسكت قلمي لأكتب أو أحاول كتابة هذه الكلمات لشهور وأيام كنت أبدأ الكتابة ثم أتراجع .... حاولت اليوم .. نعم حاولت هي مجرد محاولة فلم أستطع قول كل ما أريد ...

24 جويلية 2023 على الساعة الثانية بعد الزوال وصلني خبر وفاة الشاعر والناشر كمال حامدي ذلك الرجل الشهم ذو القلب الطيب، لن أنسى أول مصافحة ولقاء جمعني به بمقهى بمنطقة "العقبة" على ما أظن بولاية المنستير وكان الهدف طباعة كتابي الأول "أدغال الحضارة"، استقبلني والضحكة لا تفارق وجهه لأعود بعدها لزيارة مطبعته اكثر من مرة .. تلك المطبعة ، الأوراق المتناثرة و المكتب وحفاوة الإستقبال والتفاصيل ....ووجه كمال البشوش وحب الحياة .... بعد مدة اقتصرت علاقتنا على الهاتف وكان يخبرني كل مدة أنه مريض وأن مخلفات الكورونا لم تتركه ... لأتفاجأ بعد مدة من الزمن أنه مريض .. وذلك عبر تدوينة يقول فيها "أول جرعة كيميائي بمعنويات مرتفعة..." لم أتصل به وكنت أنوي زيارته ورتبت ذلك مع بعض الأصدقاء ولكن الخبيث قرر أن يهاجمني قبل أن أفعل...  وكما يعلم الجميع وخاصة دائرتي الضيقة اني رفضت أن أخبر الناس عن مرضي وأخفيت ذلك لشهور وكنت أشعر بكمال وأتذكره بكل جرعة كيميائي أو هي حرب أخوض غمارها لأخرج بعدها لمواجهة العالم بطريقة وقوة لازلت أتساءل عن مصدرها وقد وثقت ذلك بمدونتي الشخصية بمذكرات وبعض مقاطع الفيديو ... ولكن يوم 24 جويلية كان يختلف عن كل الأيام السابقة كيف لا؟ وقد تزامن مع أول جرعة كيميائي أحمر (beacopp) لم تمضي ساعة عن بداية الجرعة ليصلني خبر وفاة كمال حامدي رحمه الله تأثرت لأتمالك نفسي بعدها وأحاول الصمود والمقاومة كعادتي، قلت بنفسي ما بال هذا الخبيث لا يترك أحد تملكتني النقمة وشعرت بكره لهذا المرض اللئيم لم أشعر به من قبل... صرخت بقلب مقاوم هي صرخة دون دوي أو صوت سأنتصر سأنتصر رغم أن الكيميائي كان يعانق وريدي بتلك اللحظة.... بتلك الأيام كنت أتصرف وأخفي مرضي وارفض ذكر اسمه أعمل وأتصرف بنسق عادي إلى أن تهاوى شعري ايام قليلة قبل شفائي وكنت بكل تلك الايام قبل 24 جويلية أتذكر كمال وأسأل بعض الأصدقاء عنه دون أن أخبرهم أني مريض بالسرطان ولكني كنت أشعر بكمال كما أن كل دكاكين العالم لا تسع وجع رجل يتابع تراجع جسده إنه القهر المرافق للعجز ربما ولكن الإنسان ذات ومشاعر وأحاسيس قد يذهب الجسد ولكن الروح الرائعة تبقى ذكرى طيبة بالقلوب فالأثر الجميل لا يموت ويتذكره كل من جالس كيانه ...رحم الله كمال .... ها أنا أتابع تدوينات زوجته بكل يوم وذكراه لا تفارقها أشاهد صور أبنائه وأقول بنفسي لا تحزنوا فلم يترك كمال فرصة إلا وتحدث عنكم بكل لقاء جمعنا رغم أن علاقتي معه لم تتجاوز نطاق العمل والإحتراف كان يتكلم عن أولاده والحب يقفز من عيناه والضحكة لا تفارق فمه ... أنا متأكد أن كمال كان سيسعد كثيرا لو وصله خبر شفائي  وانه يريد الخير للجميع وكان سينصح دائرته المقربة بكلمات تغمرها الإيجابية وحب الحياة والتفاؤل فهذا ما يفرحه كيف لا وقد كان يتمنى الفرحة للبعيد قبل القريب ..

عمر دربال 


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال