"صباح الخير أيها الوطن العزيز رغم أنك أرهقتني." ماذا عن وطن آمن ودافئ؟ عن جنة متكاملة تحتوي الأطفال والكادحين؟ هذا ما كنت أطرحه على نفسي بعد أن قرأت كتاب جحيم الجنة للكاتب الصديق OmAr Derbel
عندما تقرأ العنوان وتقف على أعتاب الكتاب فإنك تتساءل كيف يكون للجنة حجيم؟ وهل المقصود بها الجنة فعلا؟ دافع قد يدفع فضولك لقراءة هذا الكتاب الذي هو أقرب للسيرة الذاتية الفلسفية ولكن يتضح لنا الجواب حين ننغمس في تفاصيله أن المقصودة بالجنة هو الوطن جنة الله في أرضه، ولكن كيف تتحول هذه الجنة إلى حجيم؟ هنا يكمن السؤال والأجوبة عديدة يأتي بها أيهم الذي يحمل في تفاصيله ملامح الكاتب المتأمل عمر دربال، أيهم الذي كان والده كادحا يعمل في أرض غير أرضه يزرعها ويعطيها من جهده ووقته مقابل أجر زهيد لا يكفيهم قوت يومهم، وبعد أن لاحظ كم الهم الذي يحمله والده الذي قال بصوت متألم "لو بقيت أعمل كأجير بأرض هذا الرجل مائة عام لن أقدر على اقتناء شبر واحد من الأرض الصالحة للزراعة الكافية حتى لغراسة شجرة صغيرة." يسأل أيهم جده:" أوليست هذه أرض الله الممتدة على كامل الطريق ملكا لكل الناس أو إنها أرض الله؟" تمنى الصغير لو كان الجواب بنعم لكنه كان عكس ذلك فالأرض الواسعة ملك للأغنياء ولهم الحق في التصرف فيها بحرية.
يبدأ الجحيم هنا من تلك القرى المهمشة التي تحتضن الكادحين والأطفال الذين يحملون طموحا قتلها وطن كان من المفترض أن يحميهم ويحقق لهم حقهم في العيش الكريم، أيهم لم يجد مكانا هنا يجلس فيه ويتحدث فيه بكل حرية عدا الجبل فنراه يجلس على أعتابه ويحاكيه كما لو أنه يحاكي صديقه.
تطرق الكاتب إلى طرح عدة قضايا أولها المدارس الريفية التي يكون الطريق إليها شاقا، استغلال أصحاب الأراضي للعمال الكادحين، معاملة الناس بمظهرهم ولم ينس التطرق إلى ذكر الوضع السياسي عن طريق الحديث على مجلس النواب والأحزاب السياسية التي لا تزور تلك القرى إلا في أوقات الانتخابات لتقوم بشراء الأصوات مقابل وعود كاذبة، هنا يصبح لأيهم جناحين يحلق بهما في مشهد سيريالي ليكتشف أرجاء الجنة التي تحولت إلى حجيم ولكن هناك نقطة ضوء وهي تلك العائلة المؤلفة من زوجين لم يرزقهما الله بطفل فكان الزوج حنونا عطوفا على زوجته ويعتبر الأطفال الأيتام أبناء له وكانت هي تفهمه وتحاول جاهدة التخفيف من همومه ربما هذه العلاقة تدفعنا لرؤية بعض الجنة في هذا الجحيم.
ولا يمكنني أن أنسى هنا والدة أيهم التي قالت له "العلم والدراسة أولا ثم أمك." ولا شك هنا أنه يتحدث فعلا عن أمه التي كانت وراء سر نجاحه فوراء كل ناجح أمه.
Wafa Samet Derbel
مبارك لك هذا الإصدار وأتمنى لك مزيدا من التقدم والنجاح
سناء الحرابي