على مدار سنوات كثيرة لم أكن أتظاهر بالقوة ولا أتقن التمثيل بل كنت بالفعل قوياً لدي كل القدرة على المواجهة مما جعل من صمودي مثالا عن كيفية التعايش ... وكنت أملك مبدأ التحمل والمقاومة لآخر نفس مادمت أسير بطريق طموح لم ولن أتنازل عنه .... وها أنا كما تركتني يا أبي لازلت أمارس التمرد في سبيل النجاح تجاوزت كل شيء وكل ما حدث إلا رحيلك لم أتجاوزه ولا أريد أن أنسى وكيف لي أن أعيش دون أن أتذكر تلك المشاهد والمشاعر ... لا تخف يا أبي لن أنهار سأواصل ولن يسقطني الحزن فأنت أكثر من يعلم اني أستمد الشموخ من الألم بل ويزيد ذلك من جنون المواصلة والإستمرارية أو التهور .... ولكني أتألم كل يوم كما لم أتألم بحياتي ولم أجد تفسيرا لهذا الوجع المختلف عن كل ما مررت به .... لازلت أتفقد مكانك بالمقهى والعمل وتلك الساعات التي نقضيها سويا... هو الإشتياق لا غير يا رفيقي العزيز كنت أول من جالسني بالمقهى وكنت بآخر ايامك أنتظرك لتوافق مرافقتي نظرا لوضعك الصحي، يوم حاولت تبادل اللكمات معك كما نفعل دائما قرب باب المنزل حاولت استفزازك وهربت لأتوجع وأتألم لأن لكمتك لم تؤلمني كسابقاتها .. شعرت أن الأمور تغيرت .... أتذكر يوم حملتك بين يداي لمأواك الأخير كما كنت تحملني صغيرا وكان الألم بقلبي يحتدم لما آلت له الحياة .... لم أصدق أني سأعيش دونك يوما فقد كنت أول صديق لي ....بدأت أحلامي بعشقي لمهنتك وتلك الصنعة .. ... آه على حياة فرقت بيني وبين من لم أتخيل فراقه .. كنت أردد دائما لتكون قوياً لا تستغرب حدوث أي أمر محاولا نصح الأصدقاء والرفاق فمن يستغرب ينهار وعند رحيلك إستغربت وكيف لك أن ترحل دون إستئذان .... لازلت أتذكر آخر لحظة رأيت وجهك بها ورائحة التراب وحرارة المشاعر الحارقة بذلك اليوم ..... هناك شيء كسر بصدري ولن يعود كما كان فأنا مجبر على المواصلة ... أبي أنا أحبك واشتقت لك ....
عمر_دربال