ذات ليلة حدثتني روح منهكة ترتدي ثياب رجل أنيق دون مقدمات ...
_هل أنت حجر؟ ... أم أن لمخزون الحنان حدود...
أجبت بنظرة حادة : السلام قبل كل شيء ثم كيف تنعتني بالحجر يا رجل؟
_أراك وقد وقفت على حافة الإنهيار تكافح؟
_ أنا؟!!! هل تتحدث معي؟ وعن أي حافة تتحدث ؟
_تنكر كعادتك .... ربما هي مطبات عديدة وليست مرة واحدة بهذه السنين ...
_ربما، ولكن كنت ولازلت أقابل المصيبة بالثبات والإيمان وأواجه الوجع بالعمل والنجاح...
_قلت لك قبل سنين أنك ستدفع ثمن الصمود والشموخ.. أولم أخبرك؟
_لم أدفع شيئا ... أنا فخور بنفسي لأقصى الدرجات
_شاب يتقن الوقوف فوق الأشواك ويبتسم؟...
_هو كذلك ...
_لكل وخزة ثمنها كن واثقا....
_أخبرتني أني سأدفع ثمن الثبات ولكنني كنت مجبرا على الصمود ونجحت وحققت ولازلت أحقق ...
_لم تكن مجبرا بل كنت تخاف تدهور صورة رسمتها لنفسك وعملت على تحقيقها .. ذلك الرجل الشامخ المقاوم والمكافح ....
_ ربما ..... وقد قسوت على نفسي كاتبا بمذكراتي جملة قرأتها وصدقتها بمفعول التجربة "ينتهي الإنسان عندما يشفق على نفسه" ولم أكن أشفق على نفسي بل كنت أضمد جراحي وأواصل وببعض الأوقات أسير تاركا الجرح كما هو
_ حقيقة لم أرى شخصا بهذه الأيام تعامل مع نفسه بتلك القسوة ...
_تمرد .. تمرد هو التمرد أنا شخص متمرد...
_حسنا ربما هذا التمرد هو سر النجاح لكن لا بد أن تتعامل مع نفسك ببعض الحنان والرأفة...
_رأفة ؟!! ذلك الخزان أغلق منذ فترة انتهت الكمية ...
قال الرجل والغضب على محياه :"لم تنتهي ... كنت تخلقها و تستوردها كلما احتاجها غيرك بل وتصدرها مجانا إلى أن أعلنت شركة الحنان والرأفة بصدرك إفلاسها ... هو عجز الميزان التجاري بروحك فعندما أحتجت بعض منه لم تجده لنفسك ...
_أنا أحتاج الحنان ؟! يالك من أحمق ....
_لدي ما يثبت ...
_حسنا اعتذر قل ما لديك ...
_ غضبك يا فتى ذلك الغضب كان تعبيرا على عدم الإهتمام والإحتياج الدفين لمن يضعك بين يديه ويربت على كتفيك كطفل صغير.. كطفل قدم كل ما لديه ويريد أن يقدم المزيد ...يحتاج لمن يشفق عليه بعد ذلك الصمود والمواجهة رغم نكرانك....
_هل تتحدث عني؟؟
_لقد رأيتك ذات ليلة تتحسس شعرك قبل النوم وتربت على كتفيك وتلامس وجهك بكف يدك كمن يواسي نفسه، ربما كنت تواسي نفسك وتغذي احتياجك..
_لم أفعل..
_بل فعلت .. كنت تحتاج لحنان الدنيا لا لشيء إلا لأنك لم تنهار عندما فرض ذلك لم تركع عند المواجهة ولم تستسلم عندما بصم الجميع على خسارتك بل وأخفيت وصممت على المواصلة ...
_ربما ...
_أريد أن أقول لك بكل صدق أنك السبب بكل ما يخالج صدرك من تعب ....
_كيف؟!!
_صمودك وتظاهرك بالقوة المفرطة وتلك الأنفة هي من جعلت الجميع يهاب حتى مواساتك ....
_ ربما يدفع كل رجل في الأخير ثمن قوته وشموخه ....
_كنت صلبا لدرجة أن الجميع ظن انك لا تحتاج أحد بل أنت المتعود على مواساة غيرك .... ولكن لم أرى رجلا يفعل كل أمر بكل قلبه ويستنزف كل طاقته ليفرح من يحب ...
_ربما ...... أقسم أني أحب الجميع من صميم قلبي كما أني عاشق للمسؤولية لا أكثر .....
_يا ولدي قوتك وصلابتك جعلت كل من يعرفك يرى ما تقدمه عادي وكل ما تحاوزته بسيط .... حاول أن تكون بخير ..
عمر دربال
.